وقال بعض أصحاب الهزل- وقد أنشدته هذه الأبيات- ما كان أحوجه إلى أن يعاقب فى أخدعيه على هذا الشعر.
وبلغنى أن إسحاق بن إبراهيم المغنّى سمعه ينشد شعره، فقال: يا هذا؛ لقد شدّدت الشعر على نفسك.
وقال:
إذا الثلج فى حرّ الهجيرة لم يذب ... من الصنّ والصّنّبر ذابت فوائده
الصن: أول أيام العجوز، والصنبر: الثانى. والصّنبر أيضا: بول الوبر «86» .
وسرق هذا المعنى من قول الآخر: ما أجمد فى حق، ولا أذوب فى باطل؛ فأساء السرقة وشوّه المعنى.
وقال «87» :
كانوا رداء «88» زمانهم فتصدّعوا؛ ... فكأنما لبس الزمان الصوفا
وقد تقدم إنكار الناس هذا البيت قبلى لما بين نصفيه من التباين فى الإساءة والإحسان.
وقال «89» :
بيض إذا اسودّ الزمان توضّحوا ... فيه، فغودر، وهو منهم أبلق
فهذا من عجائبه أيضا.
وقال «90» :
بنفسى حبيب سوف يثكلنى نفسى ... ويجعل جسمى تحفة اللّحد والرّمس
أراد هنا أن يتدامث «91» ، فازداد من البغض.
وقال فى مثل ذلك «92» :
ما زال قلبى منذ علّقته ... أعمى من الحرقة «93» ؛ ما يبصر