على الغزلى منّى السلام «5» فربما ... لهوت بها فى ظل مخضرّة زهر «6»
وقال: لم يسمع من الوجل والغزل «فعلى» ، وإنما قاسهما بشار، وليس هذا مما يقاس، إنما يعمل فيه بالسماع.
وطعن عليه فى قوله:
تلاعب نينان البحور وربما ... رأيت نفوس القوم من جريها تجرى
وقال: لم يسمع بنون ونينان «7» فبلغ ذلك بشارا فقال: ويلى على القصّار «8» بن القصّارين، متى كانت اللغة والفصاحة فى بيوت القصّارين؟ دعونى وإياه. فبلغ ذلك الأخفش فبكى. فقيل له: ما يبكيك؟ قال: وقعت فى لسان الأعمى! فذهب أصحابه إلى بشّار، فكذّبوا عنه، وسألوه ألّا يهجوه؛ فقال: وهبته للؤم عرضه. قال: فكان الأخفش بعد ذلك يحتجّ فى كتبه بشعره ليبلغه ذلك، فيكفّ عنه.
قال: وقد كان بلغ بشارا عن سيبويه أيضا شىء من ذلك، فهجاه بقصيدة يقول فيها:
أسبويه يابن الفارسيّة ما الذى ... تحدثت من شيمتى وما كنت تنبذ
أظلت تغنى سادرا بمساءتى ... وأمّك بالمصرين تعطى وتأخذ
فقيل لبشار: تنسبه إلى الفارسية؟ قال: نسبته إلى أن أعرف أبويه. قيل: فلم جعلتها فارسية؟ قال: إنّ بفارس الشريف والوضيع [136] .
قال ابن مهدى: وحدثنى أبو هفّان، قال: حدثنى أبو محلّم، قال: كان بالبصرة امرأة زانية يقال لها الفارسية مشهورة بالزنا؛ فكان أهل البصرة إذا أرادوا أن يزنّوا إنسانا قالوا له: «يابن الفارسية» ، فإلى هذا ذهب بشار؛ وكان أشدّ عصبية للفرس من أن يقول هذا.