أخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابى، عن إبراهيم بن عمر؛ ودماذ «22» ، عن أبى عبيدة، قال: سمعت [56] أبا الخطاب الأخفش يقول- وكان أعلم الناس بالشعر، وأنقدهم له، وأحسن الرواة دينا وثقة: لم يهج جرير الفرزدق إلا بثلاثة أشياء يكرّرها فى شعره، كلها كذب، منها جعثن، والزّبير، والقين.

فأما جعثن فكانت من خير نساء زمانها؛ احتال بنو منقر فأقعدوا إنسانا فى طريقها، وقد خرجت لبعض أمرها- فرمى بها فوقعت ومضى يعدو- ليزيلوا عن أنفسهم شيئا زعموا أنّ الفرزدق فعله بهم «23» .

وأما الزّبير فإنه وقف على مسجد بنى مجاشع، فسأل عن عياض بن حمار بن أبى حمار، فقال النّعر بن زمّام المجاشعى: هو بوادى السباع، فمضى الزبير يريده، وخرج النّعر بن زمّام مع الزبير رحمه الله تعالى حتى بلغ النحيت ثم رجع.

وخبر القين أنّ رجلا استعان بالفرزدق، فسأله أن يمشى معه إلى موالى بنى سعد فى حاجة، فقال الفرزدق للمستعين به: إن عمتى كان لها قين، فلما هجانى جرير جعلنى قينا بذلك السبب، وإنّ الرجل الذى تستعين بى عليه صاحب سماد، ولئن بلغ جريرا أنى مشيت معك ليجعلنى فى شعره كسّاحا. فلم يمش معه. فهذه قصة القين.

قال أبو الخطاب: فلم يهجه إلا من ثلاث جهات كاذبات، فردد ذلك وكرره فى شعره، فمن ذلك قوله «24» .

تحضّض يا بن القين قيسا ليجعلوا ... لقومك يوما مثل يوم الأراقم

وكقوله:

أمنتظر منى القريد «25» هديّة ... فسوف ترى منى القيون الذى أهدى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015