حتمية (*) ، أي أن العوامل الخارجية هي التي تحدد نوعية هذه المرحلة، أما خط سيرها ذاته بمراحله جميعها فهو خط مضطرب لا يسعى إلى غاية مرسومة أو هدف بعيد لأن الطبيعة التي أوجدته غير عاقلة ولا واعية، بل إنها تخبط خبط عشواء.
الآثار التي تركتها النظرية:
- قبل ظهور النظرية كان الناس يدعون إلى حرية الاعتقاد بسبب الثورة (*) الفرنسية، ولكنهم بعدها أعلنوا إلحادهم الذي انتشر بطريقة عجيبة وانتقل من أوروبا إلى بقاع العالم.
- لم يعد هناك أي معنى لمدلول كلمة: آدم، وحواء، الجنة، الشجرة التي أكل منها آدم وحواء، الخطيئة (حسب اعتقاد النصارى بأن المسيح (*) قد صلب ليخلص البشرية من أغلال الخطيئة الموروثة التي ظلت ترزح تحتها من وقت آدم إلى حين صلبه) .
- سيطرة الأفكار المادية (*) على عقول الطبقة المثقفة وأوحت كذلك بمادية الإنسان وخضوعه لقوانين المادة.
- تخلت جموع غفيرة من الناس عن إيمانها بالله تخليًّا تامًّا أو شبه تام.
- عبادة الطبيعة (*) ، فقد قال داروين: "الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق". ولكن لم يبين ما هي الطبيعة وما الفرق بين الاعتقاد بوجود الله الخالق ووجود الطبيعة؟
وقال: إن تفسير النشوء والارتقاء بتدخل الله هو بمثابة إدخال عنصر خارق للطبيعة في وضع ميكانيكي بحت.
- لم يعد هناك جدوى من البحث في الغاية والهدف من وجود الإنسان لأن داروين قد جعل بين الإنسان والقرد نسباً، بل زعم أن الجد الحقيقي للإنسان هو خلية صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين.
- أهملت العلوم الغربية بجملتها فكرة الغائية (*) بحجة أنها لا تهم الباحث العلمي ولا تقع في دائرة علمه.
- استبد بالناس شعور باليأس والقنوط والضياع وظهرت أجيال حائرة مضطربة ذات خواء روحي، حتى أن القرد - جدهم المزعوم - أسعد حالاً من كثير منهم.
- طغت على الحياة فوضى عقائدية، وأصبح هذا العصر عصر القلق والضياع.
= كانت نظرية داروين إيذاناً لميلاد نظرية فرويد في التحليل النفسي، ونظرية برجسون في الروحية الحديثة، ونظرية سارتر في الوجودية، ونظرية ماركس في المادية، وقد استفادت هذه النظريات جميعاً من الأساس الذي وضعه داروين واعتمدت عليه في