بصدق الفكرة لأنها "مفيدة ونافعة" لشخص ما، ويكذبها لعدم وجودها عند الآخرين.
وهكذا فإن جيمس طرح الحقيقة على أنها لعبة ذاتية للأفكار التي تستهوي الإنسان فائدتها: فيعتقد في صدقها.
إن الذرائعية اندثرت كحركة فكرية فردية، ولكنها كمجموعة أفكار ما زالت تعمل في الفكر البشري.. ومن أهم آثار هذه الأفكار تفسير الفكر والمعنى على أنهما من أشكال السلوك النائي عند الإنسان.
الجذور الفكرية والعقائدية:
إن البرجماتية أو الذرائعية ثورة ضد الفكر النظري البعيد عن الواقع وعن الإنسان خاصة والذي لا يخدم الإنسان في حياته العملية. أما كلمة (برجماتية) فكانت قليلة الاستعمال في اللغة الإنكليزية ولم تكن تستعمل مطلقاً في سياق الحديث الفلسفي، حتى أدخلها الفيلسوف الأمريكي بيرس عام 1878م كقاعدة منطقية: معرفاً البرجماتية بأنها النظرية القائلة: "بأن الفكرة إنما تنحصر فيما نتصوره لها من أثر على مسلك الحياة".
وقد استعار وليم جيمس ورفاقه الذرائعيون هذا المصطلح وأعطوه معاني جديدة وفق ما أوضحناه في أفكار ومعتقدات المذهب. مؤكدين على أن كل شيء حتى الفكر، لا بد أن يفهم في ضوء الغرض الإنساني.
الانتشار ومواقع النفوذ:
تأسس المذهب (*) في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقل إلى أوروبا وبريطانيا بشكل خاص.
يتضح مما سبق:
أن الذرائعية أو البراجماتية مذهب فلسفي نفعي يرى أن الحقيقة توجد من خلال الواقع العملي والتجربة الإنسانية، وأن صدق قضية ما يكمن في مدى كونها مفيدة للناس، كما أن أفكار الناس هي مجرد ذرائع يستعين بها الإنسان لحفظ بقائه ثم البحث عن الكمال. وعندما تتضارب الأفكار فإن أصدقها هو الأنفع والأجدى، والعقل لم يخلق لتفسير الغيب المجهول، ولذا فإن الاعتقاد الديني لا يخضع للبينات العقلية. ولما كان نشاط الإنسان يتمثل في العقل والإرادة، وكان العقل (*) ينتج العلم، وحينما يتحقق العلم كإرادة يتجه نحو الدين (*) ، لذا فإن الصلة بين العلم والدين ترجع إلى الصلة بين العقل والإرادة. ومخاطر هذا المذهب الفلسفي على العقيدة واضحة