المعتزلة إذ يعدونهم أهل الحرية الفكرية في الإسلام، ولا يخفى ما وراء هذه الدعوة من حرب على العقيدة الإسلامية الصحيحة، وإن لبست ثوب التجديد (*) في الإسلام أحياناً.

العقائد والأفكار:

تعتمد العقلانية على عدد من المبادئ الأساسية هي:

العقل لا الوحي (*) هو المرجع الوحيد في تفسير كل شيء في الوجود.

يمكن الوصول إلى المعرفة عن طريق الاستدلال العقلي وبدون لجوء إلى أية مقدمات تجريبية.

عدم الإيمان بالمعجزات (*) أو خوارق العادات.

العقائد الدينية ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي.

الجذور الفكرية والعقائدية:

كانت العقلانية اليونانية لوناً من عبادة العقل وتأليهه وإعطائه حجماً أكبر بكثير من حقيقته. كما كانت في الوقت نفسه لوناً من تحويل الوجد إلى قضايا تجريدية.

وفي القرون الوسطى سيطرت الكنيسة (*) على الفلسفة الأوروبية، حيث سخَّرت العقل لإخراج تحريفها للوحي (*) الإلهي في فلسفة عقلية مسلَّمة لا يقبل مناقشتها.

وفي ظل الإرهاب الفكري الذي مارسته الكنيسة انكمش نشاط العقل الأوروبي، وانحصر فيما تمليه الكنيسة والمجامع المقدسة، واستمرت على ذلك عشرة قرون.

وفي عصر النهضة (*) ، ونتيجة احتكاك أوروبا بالمسلمين - في الحروب الصليبية والاتصال بمراكز الثقافة في الأندلس وصقلية والشمال الإفريقي - أصبح العقل الأوربي في شوق شديد لاسترداد حريته في التفكير، ولكنه عاد إلى الجاهلية (*) الإغريقية ونفر من الدين (*) الكنسي، وسخَّر العقل (*) للبعد عن الله، وأصبح التفكير الحر معناه الإلحاد (*) ، وذلك أن التفكير الديني معناه عندهم الخضوع للفقيد الذي قيدت به الكنيسة العقل وحجرت عليه أن يفكر.

يتضح مما سبق:

أن العقلانية مذهب (*) فكري فلسفي يزعم أن الاستدلال العقلي هو الطريق الوحيد للوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود، بدون الاستناد إلى الوحي (*) الإلهي أو التجربة البشرية، وأنه لا مجال للإيمان بالمعجزات أو خوارق العادات، كما أن العقائد الدينية يمكن، بل ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي، وهنا تكمن علله التي تجعله مناوئاً ليس فقط للفكر الإسلامي، بل أيضاً لكل دين سماوي صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015