ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها *** وذاتي ذاتي إذا تحلت تجلت
والصوفية معجبون بهذه القصيدة التائية ويسمون صاحبها ابن الفارض بسلطان العاشقين، على الرغم مما يوجد في تلك القصيدة من كفر صريح والعياذ بالله.
وأما ابن سبعين فمن أقواله الدالة على متابعة ابن عربي في مذهب وحدة الوجود: قوله: رب مالك، وعبد هالك، وأنتم ذلك الله فقط، والكثرة وهم.
وهنا يؤكد ابن سبعين أن هذه الموجودات ليس له وجود حقيقي فوجودها وهم وليس ثمة فرق بين الخلق وبين الحق، فالموجودات هي الله!!
أما التلمساني وهو كما يقول الإمام ابن تيمية من أعظم هؤلاء كفراً، وهو أحذقهم في الكفر (*) والزندقة (*) . فهو لا يفرق بين الكائنات وخالقها، إنما الكائنات أجزاء منه، وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر في البحر، وأجزاء البيت من البيت، ومن ذلك قوله:
البحر لا شك عندي في توحده *** وإن تعدد بالأمواج والزبد
فلا يغرنك ما شاهدت من صور *** فالواحد الرب ساري العين في العدد
ويقول أيضاً:
فما البحر إلا الموج لا شيء غيره *** وإن فرقته كثرة المتعدد
ومن شعره أيضاً:
أحن إليه وهو قلبي وهل يرى *** سواي أخو وجد يحن لقلبه؟
ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري *** وما بعده إلا لإفراط قربه
فالوجود عند التلمساني واحد، وليس هناك فرق بين الخالق والمخلوق، بل كل المخلوقات إنما هي الله ذاته.
وقد وجد لهذا المذهب (*) الإلحادي (*) صدى في بلاد الغرب بعد أن انتقل إليها على يد برونو الإيطالي ورَوّج له اسبينوزا اليهودي.
جيور وانو برونو 1548-1611م وهو مفكر إيطالي، درس الفلسفة واللاهوت في أحد الأديرة الدينية، إلا أنه خرج على تعاليم الكنيسة (*) فرمي بالزندقة، وفرّ من إيطاليا، وتنقل طريداً في البلدان الأوروبية وبعد عودته إلى إيطاليا وشي به إلى محاكم التفتيش فحكم عليه بالموت حرقاً.
باروخ سبينوزا 1632 - 1677م وهو فيلسوف هولندي يهودي، هاجر أبواه من البرتغال في فترة الاضطهاد الديني لليهود من قبل النصارى، ودرس الديانة اليهودية والفلسفة كما هي عند ابن ميمون الفيلسوف اليهودي الذي عاش في الأندلس وعند ابن جبريل وهو