الصراط المستقيم، ولم يهتد بالكتاب (?) .
وكذلك قوله هنا: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ [الآية 136] . فيه تفصيل النبيّين المنعم عليهم. وقال في آخرها: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [الآية 136] ، تعريفا بالمغضوب عليهم، والضالّين، الذين فرقوا بين الأنبياء. ولذلك عقّبها بقوله:
فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا [الآية 137] . أي: إلى الصراط المستقيم، صراط المنعم عليهم كما اهتديتم.
فهذا ما ظهر لي، والله أعلم بأسرار كتابه.
الوجه الثاني: أنّ الحديث والإجماع على تفسير المغضوب عليهم باليهود، والضالّين بالمنافقين، وقد ذكروا في سورة الفاتحة على حسب ترتيبهم في الزمان، فعقّب بسورة البقرة، وجميع ما فيها (من) خطاب أهل الكتاب لليهود خاصة، وما وقع فيها من ذكر النصارى لم يقع بذكر الخطاب (?) .
ثم (عقبت البقرة) بسورة آل عمران، وأكثر ما فيها من خطاب أهل الكتاب للنصارى، فإنّ ثمانين آية من أولها نازلة في وفد نصارى نجران، كما ورد في سبب نزولها (?) وختمت بقوله:
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [آل عمران: 199] . وهي في النجاشي وأصحابه من مؤمني النصارى، كما ورد به الحديث (?) .
وهذا وجه بديع في ترتيب السورتين، كأنّه لما ذكر في الفاتحة الفريقين، قصّ في كلّ سورة ممّا بعدها حال كل فريق