هذا المعنى. إلّا أن هذه اللفظة، أعني الدائرة والدوائر، قد اختص ذكرها بالمواضع المكروهة. فيقال: دارت عليهم الدوائر، إذا أهلكتهم الأيام، وأفنتهم الأعوام. ويقال: دارت لهم الدنيا. إذا وصفوا بمواتاة الإقبال، وانتظام الأحوال. فكأنّ التمييز في الخير أو الشرّ، إنما يقع بقولنا: دارت لهم، ودارت عليهم.
وفي قوله سبحانه: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ [الآية 109] استعارة. والمراد بها ذكر ما بناه المنافقون من مسجد الضّرار (?) ، بعد ما بنى المؤمنون من المسجد المعروف بمسجد قباء (?) . لأن المؤمنين وضعوا هذا البناء، وهم مؤمنون متّقون، عارفون موقنون، فكأنهم وضعوه على قواعد من الإيمان، وأساس من الرضوان. والمنافقون، إنما وضعوا ذلك البناء كيدا للمؤمنين، وإرصادا للمسلمين. فكأنهم وضعوه على شفا جرف هار متقوّض، وأساس واه منتقض فكأنما انهار بهم في نار جهنّم، أي أسقطهم ذلك الفعل في عذاب النار، ودائم العقاب. وهذه من أحسن الاستعارات.
وفي قوله تعالى: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ [الآية 110] استعارة. ومعناها أن ذكر البنيان الذي بنوه لا يزال ريبة في قلوبهم، يخافون معها إنزال الله بهم ضروب العقاب، أو بسط المؤمنين عليهم لما ظاهروهم من العناد والشقاق. فهم أبدا بنفوسهم مستريبون، وعليها خائفون مشفقون.
فلا يزالون على ذلك، إلا أن تقطّع قلوبهم حسرة، وتزهق نفوسهم خيفة.
وفي قوله تعالى: