....... (?) ....
على الحقيقة هي التقارب بالحدود مثل المسامتة، وهي المماثلة في السّمت الذي هو الجهة، وذلك من صفات الأجسام، وذوات الحدود والأقطار. فالمراد إذن بالمحادّة هاهنا كون الإنسان في غير الحدّ الذي فيه أولياء الله سبحانه. فكأنهم في حدّ، وأولياء الله سبحانه في حدّ. وكذلك الكلام في مشاقّة الله تعالى على أحد التأويلين، وهو أن يكون الإنسان في شقّ أعداء الله وحربه، لا في شقّ أوليائه وحزبه.
وحقيقة الكلام أن يكون المراد به محادّة أولياء الله على الصفة التي ذكرناها فقال تعالى: يُحادِدِ اللَّهَ [الآية 63] كما قال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب: 57] أي يؤذون أولياء الله ورسوله، لأنّ الأذى لا يجوز على من لا تلحقه المنافع والمضار، والمساآت والمسارّ.
وفي قوله سبحانه: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ [الآية 64] وهذه استعارة. لأن السورة، نطقها من جهة البرهان، لا من جهة اللسان. فكأنه سبحانه، أراد أنّ الناس يعلمون، بهذه السورة، النازلة في المنافقين، بواطن نفوسهم، وعقائد قلوبهم.