وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن: 11] .
جهر عليه الصلاة والسلام بدعوته في مكة. ولمّا يئس من انتشار الدعوة بمكة هاجر إلى المدينة. وهناك بنى مسجده واتخذه مقرّا لنشر الدعوة. وقد آمن به أهل المدينة ولقّبوا ب «الأنصار» ، وأصبحت للإسلام قوة جديدة ولم يبق بيت من بيوت المدينة إلا دخله الإسلام. ولما كانت سورة البقرة أول سورة نزلت بالمدينة، استمرّ نزول آياتها بضع سنين، فقد عنيت بذكر أصناف الناس أمام دعوة الإسلام فقسّمتهم إلى ثلاثة أصناف.
الصنف الأول: المؤمنون، وقد وصفهم الله بخمس صفات هي:
الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، وإخراج الزكاة والصدقات، والإيمان بالكتب والرسل، واليقين الكامل بالحساب والجزاء.
وهم بهذه الصفات أهل لهداية الله، وللفلاح والرشاد.
الصنف الثاني: الكافرون، وقد وصفهم القرآن بأنّهم فقدوا الاستعداد لقبول الحق بسبب فساد فطرتهم، وإحكام الغشاوة على قلوبهم، وانسداد مسالك الفهم والإدراك في وجدانهم، وقد سمّاهم القرآن بالكافرين والفاسقين والخاسرين والضالّين.
هؤلاء الكفار سدّت عليهم منافذ الخير وسبل الهداية، وأعلنوا الكفر والعناد.
وهذان الصنفان كثيرا ما تحدث القرآن عنهما في سورة المكيّة وسوره المدنيّة، لأنّ الدعوة الإسلامية لم تخل في مرحلة من مراحلها من مؤمن بها، مصدق لها، كافر بها جاحد لآياتها.
الصنف الثالث: المنافقون، ووجود هذه الطائفة نشأ بعد الهجرة إلى المدينة ودخول الأنصار في الإسلام وظهور قوة المسلمين وبخاصة بعد غزوة بدر، فاضطر نفر من الكبراء أن يتظاهروا باعتناق الدين الجديد، ومن هؤلاء عبد الله بن أبيّ بن سلول الذي كان قومه ينظمون له الخرز ليتوّجوه ملكا عليهم قبيل وصول الإسلام إلى المدينة. وقد وصفتهم سورة البقرة بالنفاق والتلوّن وألقت عليهم الأضواء، وذكر المنافقون في سورة التوبة بصفات متعددة، منها