سماع باطلهم، ثم أمره أن يترك الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا أو خوضا في تكذيب آياته، وأن يذكّر بها قبل أن ترتهن نفس بما كسبت، ولا ينفعها من دون الله ولي ولا شفيع، ولا يقبل منها فداء عن عذابها، ولأصحابها شراب من حميم وعذاب أليم، بما كانوا يكافرون.
ثمّ أمر سبحانه، النبي (ص) أن يذكر لهم أنه لا يصح له أن يدعو من دونه ما لا ينفع ولا يضر، فيردّ على عقبه بعد هدايته له، وأنّ هداه جلّ جلاله هو الهدى، وقد أمر هو وأتباعه أن يسلموا له، وأن يقيموا الصلاة ويتّقوه، وهو الذي يحشرون إليه، وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، وإذا أراد تكوين شيء لا بد من أن يكون، وله المالك يوم ينفخ في الصّور، عالم الغيب والشهادة، وهو الحكيم الخبير.
ثم نوّه بشأن إثبات التوحيد بالنظر، فذكر أنه طريق إبراهيم (ع) ، وساق ما جرى بين إبراهيم وبين أبيه آزر في إنكاره عليه أن يتخذ أصناما آلهة وذكر سبحانه أنه أراه ملكوت السماوات والأرض ليستدل به على توحيده، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي [الآية 76] ، فلمّا غاب علم أنه لا يصلح أن يكون ربا. وكذلك نظر في القمر والشمس، وكان قومه يعبدون هذه الكواكب ويتّخذون لها تماثيل من أصنامهم، فتبرّأ من عبادتها، وتوجّه بوجهه للّذي فطر السماوات والأرض ثم ذكر أن قومه حاجّوه في ذلك فأنكر عليهم أن يحاجّوه فيه بعد أن اهتدى إليه، ثم نوّه بشأن تلك الحجة النظرية التي اهتدى بها وذكر أنه رفع بها درجته، ووهب له ذرية صالحة قاموا بها بعده، من إسحاق ويعقوب وداود وسليمان وغيرهم من الأنبياء ثم ذكر أنّ أولئك الأنبياء هم الذين آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة، فإن يكفر بها مشركو العرب فقد وكل بها قوما ليسوا بها بكافرين: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (90) .
ثم قال تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الآية 91] . فذكر شبهتهم الثالثة في