على عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما واجبان.
قلنا: معنى قوله أَنْفُسَكُمْ: أي أهل دينكم كما قال تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء/ 29] ، أي أهل دينكم.
وقيل المراد به آخر الزمان عند فساد الزمان، وتعذّر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو زماننا هذا.
فإن قيل: كيف يقول الرسل: لا عِلْمَ لَنا [الآية 109] ، إذا قال الله تعالى لهم: ماذا أُجِبْتُمْ [نفسها] وهم عالمون بماذا أجيبوا؟
قلنا: هذا جواب الدهشة والحيرة، حين تطيش عقولهم من زفرة جهنم، نعوذ بالله تعالى منها، ومثله لا يفيد نفي العلم ولا إثباته. الثاني: أنهم قالوا ذلك تعريضا بالتشكّي من قومهم ولإظهار الالتجاء الى الله تعالى في الانتقام منهم، كأنهم قالوا: أنت أعلم بما أجابونا به من التصديق والتكذيب.
الثالث معناه: لا علم لنا بحقيقة ما أجابونا به لأنا نعلم ظاهره وأنت تعلم ظاهره ومضمره، ويؤيد ما بعده.
فإن قيل: أيّ معجزة لعيسى (ع) في تكليم الناس كهلا حتى قال:
تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا [الآية 110] .
قلنا: قد سبق جوابه في سورة آل عمران «1» مستقصى.
فإن قيل: كيف قال الحواريون هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ [الآية 112] شكّوا في قدرة الله تعالى على بعض الممكنات وذلك كفر، ووصفوه بالاستطاعة وذلك تشبيه، لأن الاستطاعة إنما تكون بالجوارح والحواريون خلّص أتباع عيسى (ع) ، والمؤمنون به، بدليل قوله تعالى حكاية عنهم: قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (111) .
قلنا: هذا استفهام عن الفعل لا عن القدرة، كما يقول الفقير للغنيّ القادر:
هل تقدر ان تعطيني شيئا، وهذا يسمّى استطاعة المطاوعة لا استطاعة القدرة، والمعنى: هل يسهل عليك ان تسأل ربك؟ كقولك لآخر: هل تستطيع ان تقوم معي؟ وأنت تعلم استطاعته لذلك.
فإن قيل: لو كان المراد هذا