وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (53) .
أي: أهؤلاء الذين أقسموا لكم بإغلاظ الأيمان أنّهم أولياؤكم ومعاضدوكم على الكفار.
والقسم جهد الأيمان هو القسم بأغلظ الأيمان. وهذا يعني أن المصدر «جهد» بهذا الاستعمال يفيد الغاية كما نقول سعى جدّ السّعي.
7- وقال تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (56) .
الفعل «يتولّى» ، في هذه الآية بمعنى يجعل الله وليّا له، وكذلك الرسول والذين آمنوا، وهذا من الاستعمال الجميل الذي لا نعرفه لهذا الفعل فقد اشتهر الفعل «تولّى» بمعنى ذهب وانصرف.
وتولّى الأمر، أي باشره ولزمه وأخذه. وتولّى الله جعله وليا له، أي:
ناصرا. وهذا الاستعمال القرآني الأخير مما لا نعرفه في العربية المعاصرة.
8- وقال تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا [الآية 59] .
وقرأ الحسن: (هل تنقمون) بفتح القاف، والفصيح كسرها، والمعنى هل تعيبون منا وتنكرون إلّا الايمان بالكتب المنزلة كلها «1» .
أقول: ومن هذا الاستعمال قول علي بن أبي طالب (ع) :
ما تنقم الحرب العوان منّي ... بازل عامين فتيّ سنيّ
ويقال: نقمت الأمر ونقمته، أي:
كرهته، وقال تعالى:
وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ [البروج/ 8] .
أي: أنكروا منهم.
ومثله قوله تعالى: وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ [التوبة/ 74] .
وليس لنا من الفعل «نقم» إلا المزيد «انتقم» ، ومعناه مشهور. فأما المجرد فلا نعرف منه في العربية المعاصرة إلا المصدر «النقمة» .