فكأنه قيل (في المائدة) : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [الآية 1] التي فرغ من ذكرها في السورة التي تمت. فكان ذلك غاية في التلاحم والتناسب والارتباط.

ووجه آخر في تقديم سورة النساء، وتأخير سورة المائدة، وهو: أن تلك أولها: يا أَيُّهَا النَّاسُ [النساء/ 1] وفيها الخطاب بذلك في مواضع، وهو أشبه بخطاب المكي، وتقديم العام (?) وشبه المكي أنسب.

ثم إن هاتين السورتين (النساء والمائدة) ، في التقديم والاتحاد، نظير البقرة وآل عمران، فتلكما في تقرير الأصول، من الوحدانية، والكتاب، والنبوة، وهاتان في تقرير الفروع الحكمية.

وقد ختمت المائدة بصفة القدرة، كما افتتحت النساء بذلك (?) .

وافتتحت النساء ببدء الخلق، وختمت المائدة بالمنتهى من البعث والجزاء (?) فكأنهما سورة واحدة، اشتملت على الأحكام من المبتدأ إلى المنتهى.

ولما وقع في سورة النساء: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ [النساء/ 105] . فكانت نازلة في قصة سارق سرق درعا (?) ، فصل في سورة المائدة أحكام السراق والخائنين.

ولما ذكر في سورة النساء أنه أنزل إليك الكتاب للحكم بين الناس، ذكر في سورة المائدة آيات في الحكم بما أنزل الله حتى بين الكفار، وكرر قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015