وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ [الآية 103] ف «الشّفا» مقصور مثل «القفا» وتثنيته بالواو تقول: «شفوان» لأنه لا يكون فيه الإمالة «1» ، فلما لم تجيء فيه الإمالة عرفت أنّه من الواو «2» .
وقال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [الآية 104] و «أمّة» في اللفظ واحد، في المعنى «3» جمع، فلذلك قال يَدْعُونَ.
وقال عز وجل: وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) فثنى الاسم وأظهره، وهذا مثل «أمّا زيد فقد ذهب زيد» .
قال الشاعر «4» [من الخفيف وهو الشاهد السابع والخمسون بعد المائة] :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
فأظهر في موضع الإضمار.
وقال: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً [الآية 111] استثناء يخرج من أول الكلام. وهو كما روى يونس «5» عن بعض العرب، أنه قال: «ما أشتكي شيئا إلّا خيرا» . ومثله لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (24) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (25) [النبأ] .
وقال: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ [الآية 112] فهذا مثل لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً استثناء خارج من أول الكلام في معنى «لكنّ» وليس بأشدّ من قوله لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً [مريم/ 62] .
وقال: لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ [الآية 113] لأنه قد ذكرهم ثم فسره فقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ [الآية 113] ولم يقل «وأمّة على خلاف هذه الأمّة» لأنه قد ذكر هذا كله قبل. وقال تعالى:
مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ فهذا قد دل على أمة خلاف هذه.