قال النحويون:
لا يخلو اسم الفاعل من أن يكون مقرونا ب «أل» أو مجرّدا، فإن كان مجرّدا عمل عمل فعله، من الرفع والنصب إن كان مستقبلا أو حالا، نحو:
هذا ضارب زيدا الآن، أو غدا، وإنما عمل لجريانه على الفعل الذي هو بمعناه، وهو المضارع. ومعنى جريانه عليه أنه موافق له في الحركات والسكنات، لموافقة «ضارب» ليضرب، فهو مشبه للفعل الذي هو بمعناه لفظا ومعنى.
وإن كان بمعنى الماضي لم يعمل لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه، فهو مشبه له معنى لا لفظا، فلا تقول: «هذا ضارب زيدا أمس» بل يجب إضافته، فتقول: «ضارب زيد أمس» ، وأجاز الكسائي إعماله، وجعل منه قوله تعالى:
وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ [الكهف/ 18] ، فذراعيه منصوب بباسط وهو ماض، وخرّجه غيره على أنه حكاية حال ماضية.
وقالوا:
وإذا وقع اسم الفاعل صلة للألف واللام، عمل ماضيا ومستقبلا وحالا، لوقوعه موقع الفعل، إذ حقّ الصلة أن تكون جملة فتقول هذا الضارب زيدا الآن أو غدا أو أمس، هذا هو المشهور من قول النحويين. وزعم جماعة ومنهم الرمّاني: أنه إذا وقع صلة للألف واللام، لا يعمل إلّا ماضيا ولا يعمل مستقبلا ولا حالا ...
أقول: وعلى هذا يكون اسم الفاعل في قوله تعالى: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ دالّا على المضي لأنه أضيف إلى (الناس) ، ولكن الحقيقة أنه دالّ على الاستقبال، ومع ذلك كانت الإضافة.
وهذا يدل على أن استقراء النحاة غير واف، فلم يستوفوا ما ورد في لغة التنزيل.
ومثل هذا ما ورد في هذه السورة نفسها، وهو قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [الآية/ 185] .
فالدلالة على المستقبل حاصلة، ومع ذلك أضيف اسم الفاعل.
وقرأ اليزيدي: (ذائقة الموت) على