أنه لن يضيع عنده ما يفعلونه من خير، ثم ذكر أن الكافرين منهم لن تغني عنهم أموالهم شيئا من عذابه، وأن مثل ما ينفقون في ملاذهم كمثل ريح فيها صرّ أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فلم تبق منه شيئا.
ثم نهى المؤمنين أن يتخذوا بطانة منهم بعد أن حذّرهم من إطاعتهم، لأنهم يضمرون لهم العداوة، ولا يليق بهم أن يحبوهم وهم لا يحبونهم، وإن تمسسهم حسنة تسؤهم، وإن تصبهم سيئة يفرحوا بها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) .
ثم قال تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) ، فذكر هزيمة المؤمنين في غزوة أحد، وهي المصيبة التي ذكر أن أهل الكتاب فرحوا بإصابتهم بها، وقد حاولوا أن يؤثروا بها في إيمانهم، كما حاولوا أن يؤثروا في هذا الإيمان بمقالاتهم، فأمرهم أن يذكروا إذ غدا النبي (ص) يبوّئ المؤمنين مقاعد للقتال، وإذ همّت طائفتان منهم أن تفشلا في أول القتال بتأثير المنافقين من اليهود والمشركين، وكان المنافقون قد انهزموا عمدا ليؤثروا فيهم، ثم ذكر لهم أنّه نصرهم ببدر، وهم في ذلة وقلة، والمشركون في عزة وكثرة، ليخطّئهم في تأثرهم بانهزام المنافقين، ثم ذكر أنه نصرهم في بدر ليكون بشرى لهم ولتطمئن قلوبهم به، وليقطع طرفا من المشركين أو يكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم. فالأمر في ذلك له وحده يتصرف فيهم كما يشاء، وهو الذي له ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
ثم ذكر بعد هذا تحريم الربا على المؤمنين، لأنه هو الذي كان يصل بينهم وبين اليهود، فأراد أن يقطع هذه الصلة بينهم بعد أن ظهرت في هذه الغزوة عداوتهم، لينقذهم من دسائسهم وتحكّمهم فيهم بأموالهم، ولينهض بهم في هذه المحنة التي حلّت بهم، وكان اليهود يقرضونهم بالربا الفاحش الذي أفقرهم وأضعفهم، وقد بدأ بهذا التدبير اهتماما بعد ذكر هذه الغزوة، ثم أمرهم أن يسارعوا إلى مغفرة تمحو ما حصل