المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المسد» «1»

في قوله سبحانه: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (?) استعارة، والتّباب الخسران المؤدّي إلى الهلاك، وإنّما وصف سبحانه يدي أبي لهب بالتّباب، وإن كان هو المراد بذلك، لأنّ الأعمال في الأكثر إنّما تكون بالأيدي على ما تقدم من القول في بعض الفصول المتقدّمة، فلما فعل فعلا يؤدّي الى الخسار، ويفضي إلى البوار، جاز نسب ذلك إلى يديه، كما يقال هذا ما صنعت يداك وذق ما جنت يداك، وقد تقدّم الكلام على ذلك، والمراد باليدين هنا، المال والملك. يقال: فلان قليل ذات اليد، أي قليل المال والملك، فكأنّه تعالى أخبر بهلاك ماله وملكه، ثم قال تعالى: وَتَبَّ (?) أي هلك هو أيضا، لأنّه كان يدلّ «2» بكثرة أمواله، وسعة أحواله، فإذا خرج عن ملكه قرب من هلكه، ودليل ذلك قوله تعالى: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (?) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) ويكون هلاك ماله حكما، لا غرما، لأنّه إذا كان مجموعا من غير حلّه، ومأخوذا من غير وجهه، كان هالكا بائرا، وإن كان سالما وافرا.

وفي قوله سبحانه: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) . استعارة على أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015