في قوله سبحانه: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) . استعارات عدة منها قوله تعالى: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) . والحطمة اسم من أسماء النار نعوذ بالله منها. وانما سميت بذلك، والله أعلم، لكثرة أكلها للواقعين فيها يقال رجل حطمة إذا كان كثير الأكل.
وهذه من صفات المبالغة. وقد يجوز أن يكون معنى ذلك أنها تحطم كلّ ما يقع فيها، أي تكسره وتأتي عليه.
ومنها قوله تعالى: الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) . والمراد بذلك: أنّ ألمها ومضضها «2» يصلان إلى الأفئدة والقلوب ويبلغان منها كلّ مبلغ، ويطبقان كلّ موضع، فكأنّها بذلك مطّلعة عليها ومخالطة. ويقول القائل:
اطّلعت على أرض بني فلان: إذا بلغها. وقد يجوز أيضا أن يكون لذلك معنى آخر، وهو أن شعب النار تدخل من أفواههم حتّى تصل إلى أفئدتهم وقلوبهم، ويكون ذلك أبلغ في المضض وأعظم للألم، وقد قال بعضهم في ذلك معنى آخر، وهو أن يكون المراد أنّ الله تعالى يخلق في النار علما تطّلع به على معرفة ضمائر المعاقبين، فتوصل الآلام إليهم على قدر مراتبهم في الذنوب: إن كانوا من