إن قيل: لم وصف (ص) بالضّالّ، والنبي (ص) معاذ الله أن يكون ضالا:
أي كافرا لا قبل النبوة ولا بعدها، والضالّ أكثر ما ورد في القرآن بمعنى الكافر؟
قلنا: المراد به هنا أنه تعالى وجده ضالًّا عن معالم النبوّة وأحكام الشريعة فهداه إليها، هذا قول الجمهور.
الثاني: أنه ضل وهو صغير في شعاب مكة فرده الله تعالى إلى جده عبد المطلب. الثالث: أن معناه ووجدك ناسيا فهداك إلى الذكر، لأنّ الضلال جاء بمعنى النسيان، ومنه قوله تعالى:
أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (ج) [البقرة: 282] .
فإن قيل: لو كان الضلال بمعنى النسيان، لما جمع بينهما في قوله تعالى: لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى [طه:
52] .
قلنا: لا ندّعى أنه حيث ذكر كان بمعنى النسيان، فهو في تلك الآية بمعنى الخطأ، وقيل بمعنى الغفلة.
الرابع: أن معناه: ووجدك جاهلا فعلّمك.
فإن قيل: لم منّ سبحانه عليه بإخراجه من الفقر إلى الغنى، بقوله تعالى: وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى (8) ؟
قلنا: قال ابن السائب، واختاره الفرّاء: أنه لم يكن غناه بكثرة المال، ولكن الله أرضاه بما آتاه، ولم يكن ذلك الرضا قبل النبوة وذلك حقيقة الغنى، ويؤيّده قوله (ص) : «الغنى غنى