نزلت سورة البلد بعد سورة «ق» ، ونزلت سورة «ق» فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء، فيكون نزول سورة البلد في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم، لقوله تعالى في أوّلها لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (?) وتبلغ آياتها عشرين آية.
الغرض من هذه السورة ذمّ الحرص على الدنيا، وإنذار من يحرص عليها بأنه من أصحاب المشأمة، وتبشير من لا يحرص عليها بأنه من أصحاب الميمنة، وهذا هو وجه ذكرها بعد السورة السابقة، لأنها تأخذ في سياقها، وتسلك في الترغيب والترهيب مسلكها.
قال الله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (?) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (4) .
فأقسم بمكّة وما ذكر بعدها على أنّ الإنسان خلق في تعب وشدّة، وأنكر عليه أن يغترّ بقوّته وهذه حاله في الدنيا، وأن يستكثر ما ينفقه من القليل فيها، كأنّه يحسب أنه لا يرى ما ينفقه، ثم ذكر جلّ وعلا أنه أنعم عليه بنعمة البصر والكلام والعقل ليتبصّر بها،