الإنسان وقدرته حتّى يصحّ أن ينهى عنه، على صفة أو يؤمر به على صفة، فلم قال تعالى: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) .
قلنا: معناه: اثبتوا على الإسلام، حتّى إذا جاءكم الموت متّم على دين الإسلام، فهو في المعنى أمر بالثبات على الإسلام والدوام عليه، أو نهي عن تركه.
فإن قيل: قوله عزّ وجل: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا [الآية 137] . إن أريد به الله تعالى فلا مثل له، وإن أريد به دين الإسلام فلا مثل له أيضا، لأن دين الحق واحد؟.
قلنا: كلمة مثل زائدة. معناه: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، يعني بمن آمنتم به وهو الله تعالى، أو بما آمنتم به وهو دين الإسلام، و «مثل» قد تزاد في الكلام كما في قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] وقوله تعالى: كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ [الأنعام: 122] ومثل بمعنى واحد وقيل الباء زائدة كما في قوله تعالى: بِجِذْعِ النَّخْلَةِ [مريم: 25] أي مثل إيمانكم بالله أو بدين الإسلام.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ [الآية 143] وهو لم يزل عالما بذلك؟
قلنا: قوله تعالى: لِنَعْلَمَ أي لنعلم كائنا موجودا ما قد علمناه، أنّه يكون ويوجد، أو أراد بالعلم التمييز للعباد، كقوله تعالى: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [الأنفال: 37] .
إن قيل: لم قال تعالى: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها [الآية 144] وهذا يدل على أنّه (ص) ، لم يكن راضيا بالتوجّه إلى بيت المقدس، مع أنّ التوجّه إليه كان بأمر الله تعالى وحكمه؟
قلنا: المراد بهذا، رضا المحبّة بالطبع، لا رضا التسليم والانقياد الأمر الله تعالى.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ [الآية 145] ولهم قبلتان:
لليهود قبلة، وللنصارى قبلة؟.
قلنا: لمّا كانت القبلتان باطلتين مخالفتين لقبلة الحقّ، فكانتا بحكم الاتحاد في البطلان قبلة واحدة.
فإن قيل: كيف يكون للظالمين من اليهود أو غير هم حجة على المؤمنين، حتّى قال تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ