أعماله مدوّنة في كتابه. وظهرت النار إلى مكان بارز، حتّى يراها كلّ ذي نظر، عندئذ تختلف المصائر والعواقب، فأمّا من تكبّر وعصى ربّه وجاوز حدّه، وآثر شهوات الحياة الدنيا على ثواب الآخرة، فالنّار مثواه ومستقرّه.
وأمّا من استحضر في قلبه دائما عظمة الله تعالى، ونهى النفس عمّا تهواه، وتميل إليه بحسب طبيعتها، فإنّ الجنّة ستكون له مستقرا ومقاما.
[الآيات 42- 46] : يسألك كفّار قريش والمتعنّتون من المشركين عن القيامة يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) : متى قيامها وظهورها؟
وأين موعدها؟
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43) : إنّها لأعظم من أن تسأل أو تسأل عن موعدها، فأمرها إلى ربّك، وهي من خاصّة شأنه، وليست من شأنك، إلى ربك ينتهي علم الساعة، فلا يعلم وقت قيامها غيره سبحانه، ولم يعط علمها لملك مكرّم، ولا لنبيّ مرسل. إنما أنت رسول مبعوث لتنذر من ينفعه الإنذار، وهو الذي يشعر قلبه بحقيقتها فيخشاها، ويعمل لها ويتوقعها.
وإذا جاءت الساعة، ورأوا أهوالها وحسابها وجزاءها، استهانوا بالدنيا ومتاعها وأعمارها، ورأوا الدنيا بالنسبة للآخرة قصيرة عاجلة، هزيلة ذاهبة، زهيدة تافهة.
وتنطوي الدنيا في نفوس أصحابها، فإذا هي عندهم عشية أو ضحاها فكأنما الدنيا ساعة من نهار، أفمن أجل ساعة من نهار، يضيّع الإنسان الجنّة والخلود في رضوانها؟
قال تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (55) [الروم] أي أنّ الدنيا أو الحياة الفانية، ليست إلّا وقتا قصيرا بالنسبة للآخرة. قال تعالى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (17) [الأعلى] .
1- إثبات البعث.
2- مقالة المشركين في إنكاره، والردّ عليهم.