«الرحيم» ، فقد كثر استعمالها وصفا فعليا، وجاءت بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (143) [البقرة] ووَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43) [الأحزاب] ووَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) [يونس] . كما جاءت الرحمة كثيرا على هذا الأسلوب وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف: 156] يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ [الكهف: 16] .
ف «الرحمن» : اسم الله يدل على قيام الرحمة بذاته سبحانه، و «الرحيم» صفة تدل على وصول هذه الرحمة إلى العباد.
تقول: فلان غني بمعنى: أنه يملك المال، وفلان كريم بمعنى أنه ينقل المال إلى الآخرين.
ورحمة الله لعباده لا حد لها، فهو الذي خلقهم وأوجدهم وسخّر لهم الكون كله وأمدّهم بنعمه التي لا تعد ولا تحصى، ثم هو يفتح بابه للتائبين ويعطي السائلين، ويجيب دعاء الداعين. قال تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) [البقرة] .
إن واجبنا أن نغرس في أبنائنا محبة الله، وأن نعوّدهم عبادته حبّا له واعترافا بفضله وإحسانه، وذلك هو منهج الإسلام. فإن الله في الإسلام، لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء، كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها، كما تصوّرها أساطير الإغريق، ولا يدبّر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في العهد القديم، كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الأصحاح الحادي عشر من سفر التكوين.
فالله، في الإسلام، رحمن رحيم، ليس مولعا بالانتقام والتعذيب. وبعض النّاس يحلوا لهم أن يصوّروا الإله منتقما جبّارا لا همّ له إلّا تعذيب الناس وإلقاؤهم في نار جهنم، وهي نغمة نابية عن روح الإسلام، غريبة عن نصوصه وتشريعاته السمحة.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) : أي أن الله هو المالك المتصرّف يوم القيامة، فالناس في الدنيا يملكون ويحكمون ويتصرفون، فإذا كان يوم القيامة وقف النّاس جميعا للحساب الصغير والكبير، السّوقة والأمير، الوزير والخفير، الملك والأجير، كل الناس قد وقفوا حفاة عراة مجرّدين من كل جاه أو