سورة المرسلات سورة مكّية، آياتها خمسون آية، نزلت بعد سورة الهمزة.
وسورة المرسلات سورة قصيرة الآيات، عاصفة الملامح، شديدة الإيقاع، كأنها سياط لاذعة تلهب صدور المنكرين، توقف القلب البشري وقفة المحاكمة الرهيبة، فتواجهه بسيل من الاستفهامات والاستذكارات، والتهديدات، تنفذ إليه كالسهام المسنونة.
«وتعرض السورة عددا من المشاهد المتنوّعة عن الكون وخلق الإنسان واليوم الآخر، وعذاب المجرمين ونعيم المتّقين. وعقب كلّ مشهد تلفح المذنب لفحة من التهديد والوعيد، حين تقول وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) ويتكرر هذا التعقيب عشر مرات في السورة، وهو لازمة الإيقاع فيها، وهو أنسب تعقيب لملامحها الحادّة، ومشاهدها العنيفة، وإيقاعها الشديد، وهذه اللازمة تذكرنا باللازمة المكررة في سورة الرحمن، عقب عرض كل نعمة من نعم الله على العباد فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (16) . كما تذكرنا باللازمة المكررة في سورة القمر، عقب كل حلقة من حلقات العذاب:
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ وتكرارها هنا على هذا النحو يجعل للسورة سمة خاصة، وطعما مميّزا حادّا» «2» .