إن قيل: لم قال الله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ [الآية 2] فوصف المفرد وهي النطفة بالجمع وهو الأمشاج جمع مشج، والأمشاج الأخلاط، والمراد أنه مخلوق من نطفة مختلطة من ماء الرجل والمرأة؟
قلنا: قال الزمخشري رحمة الله تعالى عليه: أمشاج لفظ مفرد لا جمع كقولهم: برمة أعشار، وبيت أكباش، وبر أهدام. وقال غيره الموصوف به أجزاء النطفة وأبعاضها.
فإن قيل: لم قال الله تعالى: وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ [الآية 21] مع أن ذلك في الدنيا إنما هو عادة الإماء، ومن في مرتبتهنّ؟
قلنا: القرآن أول من خوطب به العرب، وكان من عادة رجالهم ونسائهم التحلي بالذهب والفضة منفردين ومجتمعين. الثاني: أنّ الاسم، وإن كان مشتركا بين فضة الدنيا والاخرة، ولكن شتان ما بينهما.
قال النبي (ص) «المثقال من فضة الاخرة خير من الدنيا وما فيها» . وكذا الكلام في السندس والإستبرق وغيرهما مما أعده الله تعالى في الجنّة.
فإن قيل: أيّ شرف لتلك الدار يسقي الله تعالى عباده الشراب الطهور فيها، مع أنه تعالى في الدنيا سقاهم ذلك، بدليل قوله تعالى: وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (27) [المرسلات] وقوله تعالى: