أقول: وجه اتصالها بسورة القيامة في غاية الوضوح: فإنه تعالى ذكر في آخر تلك مبدأ خلق الإنسان من نطفة، ثمّ ذكر مثل ذلك في مطلع هذه السورة، مفتتحا بخلق آدم أبي البشر.
ولمّا ذكر هناك خلقه منهما، قال:
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (39) .
ولما ذكر هناك خلقه منهما، قال هنا:
فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (?) ، فعلّق به غير ما علق بالأول، ثمّ رتب عليه هداية السبيل، وتقسيمه إلى شاكر وكفور، ثمّ أخذ في جزاء كلّ.
ووجه آخر: أنّه، لما وصف حال يوم القيامة في تلك السورة، ولم يصف فيها حال النّار والجنّة، بل ذكرهما على سبيل الإجمال، فصّلهما في هذه السورة، وأطنب في وصف الجنّة «2» ، وذلك كله شرح لقوله تعالى هناك:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) . وقوله هنا:
إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً (4) : شرح لقوله هناك: تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (25) .
وقد ذكر هناك: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وذكر هنا في هذه السورة: