المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الحاقّة» «1»

في قوله تعالى: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (6) استعارة.

والمراد بالصّرصر الباردة. وهو مأخوذ من الصّرّ. والعاتية: الشديدة الهبوب التي ترد بغير ترتيب، مشبّهة بالرجل العاتي، وهو المتمرّد الذي لا يبالي على ما أقدم، ولا في ما ولج ووقع.

وفي قوله سبحانه: فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (10) استعارة: المراد بالرّابية هاهنا: العالية القاهرة. من قولهم: ربا الشيء إذا زاد. والرّبا مأخوذ من هذا.

فكأنّ تلك الأخذة كانت قاهرة لهم، وغالبة عليهم.

وفي قوله سبحانه: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (11) استعارة.

والمراد بها قريب من المراد بالاستعارتين الأوليين، وهو تشبيه للماء في طموّ أمواجه، وارتفاع أثباجه «2» بحال الرجل الطاغي، الذي علا متجبرا وشمخ متكبرا.

وقال بعضهم: معنى طغى الماء أي كثر على خزّانه، فلم يضبطوا مقدار ما خرج منه كثرة، لأن للماء خزنة، وللرياح خزنة من الملائكة عليهم السلام، يخرجون منهما على قدر ما يراه الله سبحانه من مصالح العباد، ومنافع البلاد، على ما وردت به الآثار.

وفي قوله تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (21) ، استعارة. وكان الوجه أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015