إن قيل: قوله تعالى: وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ [الآية 4] ، إن كان المراد به الفرد فأيّ فرد هو، وأيضا فإنه لا يناسب مقابلة الملائكة الذين هم جمع وإن كان المراد به الجمع، فلماذا لم يكتب في المصحف بالواو؟
قلنا: هو فرد أريد به الجمع كقولك: لا يفعل هذا الفعل الصالح من الناس، تريد به الجنس كقولك: لا يفعله من صلح منهم، وقوله تعالى:
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) [المعارج] ، وقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) [العصر] ، وقوله تعالى:
وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها [الحاقة: 17] ، وقوله تعالى: ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [غافر: 67] ونظائره كثيرة. الثاني أنه يجوز أن يكون جمعا، ولكنه كتب في المصحف بغير واو على اللفظ، كما جاءت ألفاظ كثيرة في المصحف على اللفظ دون اصطلاح الخط.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4) ولم يقل ظهراء، وهو خبر عن الجمع، وهم الملائكة؟
قلنا: هو فرد وضع موضع الجمع كما سبق. الثاني: اسم على وزن المصدر كالزميل والدبيب والصليل، فيستوي فيه الإفراد والتثنية والجمع.
الثالث: أن فعيلا يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، بدليل قوله تعالى:
عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (17) [ق] .