حمل بسط الألسن على بسط الأيدي، ليتوافق الكلام، ويتزاوج النظام لأنّ الأيدي والألسن مشتركة في المعنى المشار إليه: فللأيدي الأفعال، وللألسن الأقوال وتلك ضررها بالإيقاع، وهذه ضررها بالسّماع.

وقوله سبحانه: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [الآية 10] وقرأ أبو عمرو وحده (تمسّكوا) بالتشديد، وقرأ بقية السبعة تُمْسِكُوا بالتخفيف. وهذه استعارة.

والمراد بها: لا تقيموا على نكاح المشركات، وخلاط الكافرات، فكنى سبحانه عن العلائق التي بين النساء والأزواج بالعصم، وهي هاهنا بمعنى الحبال، لأنّها تصل بعضهم ببعض، وتربط بعضهم إلى بعض. وإنما سميت الحبال عصما، لأنها تعصم المتعلق بها والمستمسك بقوّتها. قال الشاعر:

وآخذ من كل حيّ عصما أي حبالا. وهي بمعنى العهود في هذا الشعر.

وقال أبو عبيدة: العصمة: الحبل والسّبب وقال غيره: العصم: العقد.

فكأنه تعالى قال: ولا تمسّكوا بعقد الكوافر، أي بعقود نكاحهن. وأبو حنيفة يستشهد بهذه الآية على أنه لا عدّة في الحربيّة إذا خرجت إلى دار الإسلام مسلمة، وبانت من زوجها بتخليفها له في دار الحرب كافرا.

ويقول: إنّ في الاعتداد منه تمسّكا بعصمة الكافر التي وقع النهي عن التمسّك بها. ويذهب أنّ الكوافر هاهنا جمع فرقة كافرة، كما أن الخوارج جمع فرقة خارجة، ليصح حمل الكوافر على الذكور الإناث.

ويكون قوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوا خطابا للنبي (ص) والمؤمنين.

والمعنى: ولا تأمروا النساء بالاعتداد من الكفّار، فتكونوا كأنكم قد أمرتموهنّ بالتمسّك بعصمهم.

وقال أبو يوسف (?) ، ومحمد (?) يجب عليها العدّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015