نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف

وقال آخر:

رماني بأمر كنت منه ووالدي ... بريئا ومن أجل الطويّ رماني

الثاني: أنّ فعيلا يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، قال الله تعالى: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4) [التحريم] . وقيل إنّما لم يقل قعيدان، رعاية لفواصل السورة.

فإن قيل: لم قال تعالى: أَلْقِيا [الآية 24] والخطاب لواحد، وهو مالك خازن النار؟

قلنا: فيه وجوه: أحدها: ما قاله المبرّد أن تثنية الفاعل أقيمت مقام تثنية الفعل للتأكيد باتحادهما حكما، كأنه قال ألق ألق، ونظيره قول امرئ القيس:

قفا نبك: أي قف قف. الثاني: أن العرب كثيرا ما يرافق الرجل منهم اثنان، فكثر على ألسنتهم خطاب الاثنين فقالوا: خليليّ وصاحبيّ، وقفا، واسمدا، وعوجا ونحو ذلك قال الفراء: سمعت ذلك من العرب كثيرا، قال وأنشدني بعضهم:

فقلت لصاحبي لا تحبسانا ... بنزع أصوله واجتزّ شيحا

فقال لا تحبسانا والخطاب لواحد، بدليل قوله لصاحبي قال: وأنشدني أبو ثور:

فإن تزجراني يا ابن عفّان أنزجر ... وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا

وقال امرؤ القيس:

خليلىّ مرّا بي على أمّ جندب ... نقضّي لبانات الفؤاد المعذّب

ثم قال:

ألم تر أني كلّما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب

الثالث: أنه أمر للملكين، اللذين سبق ذكرهما، بقوله تعالى: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) .

فإن قيل: لم قال تعالى: غَيْرَ بَعِيدٍ (31) ولم يقل غير بعيدة، وهو وصف للجنة؟

قلنا: لأنه على زنة المصادر كالزّبير والصّليل، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكّر والمؤنث، أو على حذف الموصوف: أي مكانا غير بعيد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015