في قوله تعالى: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ [الآية 5] استعارة: فالأكنّة جمع كنان، وهو الستر والغطاء، مثل: عنان، وأعنّة. وسنان، وأسنّة.
وليس هناك على الحقيقة شيء ممّا أشاروا إليه. وإنّما أخرجوا هذا الكلام، مخرج الدلالة على استثقالهم ما يسمعونه من قوارع القرآن، وبواقع البيان. فكأنهم، من قوة الزّهادة فيه، وشدّة الكراهية له، قد وقرت أسماعهم عن فهمه، وأكنّت قلوبهم دون علمه.
وذلك معروف في عادات الناس، أن يقول القائل منهم لمن يشنأ كلامه، ويستثقل خطابه: ما أسمع قولك، ولا أعي لفظك. وإن كان صحيح حاسّة السمع. إلا أنه حمل الكلام على الاستثقال والمقت.
وعلى هذا قول الشاعر «2» :
وكلام سيّئ قد وقرت ... أذني عنه، وما بي من صمم
وفي قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (11) استعارة. فليس هناك، على الحقيقة، قول ولا جواب، وإنما ذلك عبارة عن