لدعائهم، وما ينتظرهم في الآخرة من نعيم.

وجو السورة كله، من ثمّ، كأنه جو معركة، وهي المعركة بين الإيمان والطغيان، بين الهدى والضلال، بين المتكبرين المتجبّرين في الأرض وبأس الله الذي يأخذهم بالدمار والتنكيل.

وتتنسّم، خلال هذا الجو، نسمات الرحمة والرضوان حين يجيء ذكر المؤمنين.

ويتمثّل روح السورة في عرض مصارع الغابرين، كما يتمثل في عرض مشاهد القيامة، وهذه وتلك تتناثر في سياق السورة وتتكرر بشكل ظاهر، وتعرض في صورها العنيفة المرهوبة المخيفة. ومنذ بداية السورة إلى نهايتها نجد آيات تلمس القلب، وتهزّ الوجدان، وتعصف بكيان المكذّبين، وقد ترقّ آيات السورة فتتحول إلى لمسات وإيقاعات تمس القلب برفق، وهي تعرض صفات الله تعالى، غافر الذنب وقابل التوب، ثم تصف حملة العرش، وهم يدعون ربّهم ليتكرّم على عباده المؤمنين ثم تعرض الآيات الكونية والآيات الكامنة في النفس البشرية.

موضوعات السورة

يمكننا أن نقسم سورة غافر بحسب موضوعاتها إلى أربعة فصول:

الفصل الأول: صفات الله

تبدأ الآيات، من 4 إلى 20، بعرض افتتاحية السورة، وبيان أن الكتاب منزّل من عند الله سبحانه.

غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ للمؤمنين التائبين، وهو: شَدِيدِ الْعِقابِ للعصاة المذنبين.

ثم تقرر أن الوجود كلّه مسلّم مستسلم لله جلّ وعلا، وأنه لا يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فيشذّون عن سائر الوجود بهذا الجدال، ومن ثمّ فهم لا يستحقون أن يأبه لهم رسول الله (ص) ، مهما تقلّبوا في الخير والمتاع، فإنّما هم صائرون إلى ما صارت إليه أحزاب المكذّبين قبلهم وقد أخذهم الله أخذا، بعقاب يستحق العجب والإعجاب، ومع الأخذ في الدنيا، فإن عذاب الآخرة ينتظرهم هناك. ذلك بينما حملة العرش ومن حوله يعلنون إيمانهم بربّهم، ويتوجهون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015