في الفقرة الثانية نجد أن الآيات [8- 20] قد لمست القلوب لمسة أخرى، وهي تعرض على الناس صورتهم في الضّرّاء وصورتهم في البأساء، وتريهم تقلّبهم وضعفهم وقلّة ثباتهم على نهج إلّا حين يتصلون بربهم ويتطلّعون إليه، ويقنتون له، فيعرفون الطريق، ويعلمون الحقيقة وينتفعون بما وهبهم الله من خصائص الإنسان.
ثم وجّهت الآيات النبيّ (ص) إلى إعلان كلمة التوحيد الخالصة، وإعلان خوفه من معصية الله، وإعلان تصميمه على منهجه وطريقه، وتركهم هم لمنهجهم وطريقهم، وبيان عاقبة هذا الطريق وذلك يوم يكون الحساب.
في الآيات [21- 25] لفتة إلى حياة النبات في الأرض عقب إنزال الماء من السماء، ثم نهاية النبات في فترة وجيزة، وكذلك شأن الدنيا. ثم تشير الآيات إلى الكتاب المنزل من السماء، لتحيا به القلوب وتنشرح له الصدور مع تصوير لعاقبة المستجيبين لذكر الله، والقاسية قلوبهم من ذكر الله.
ثم تضرب الآيات مثالا لمن يعبد إلها واحدا، ومن يعبد آلهة متعددة، وهما لا يستويان مثلا، ولا يتّفقان حالا، كما لا يستوي العبد الّذي يملكه سادة متنازعون، والعبد الّذي يعمل لسيد واحد لا يتنازع أحد فيه.
ثم تضع حقيقة واقعة، وهي تعرّض الناس جميعا للموت والفناء، الرسول والمرسل إليهم وسيتنوع الجزاء يوم القيامة، فيجازى الكافرون في جهنم، ويجازى الصادقون المصدّقون جزاء المحسنين.
في الآيات [36- 61] نلمس قدرة القرآن الفائقة على إقامة الحجّة، وإقناع الإنسان، وأخذ السبيل على النفس البشرية حتى لا تجد بدّا من الإذعان والانقياد. وقد تناولت هذه الفقرة التوحيد من جوانب متعددة في لمسات متنوعة، تبدأ بتصوير حقيقة القلب المؤمن، وموقفه بإزاء قوى الأرض واعتداده بالقوة الوحيدة، واعتماده عليها دون مبالاة بسواها من القوى الضئيلة الهزيلة. ومن ثم ينفض يده من هذه القوى الوهمية، ويكل أمره وأمر