وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيّين خلو كما هيا

وأمّا قوله تعالى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما [النور: 2] ووَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: 38] فزعموا- والله أعلم- أنّ هذا على الوحي، كأنّه يقول: «وممّا أقصّ عليكم الزّانية والزّاني، والسّارقة والسّارق» . ثمّ جاء بالفعل، من بعد ما أوجب الرفع، على الأوّل على الابتداء، وهذا على المجاز، كأنّه قال «أمر السّارق والسّارقة وشأنهما ممّا نقصّ عليكم» ومثله قوله مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [محمد: 15] ثمّ قال من الآية نفسها فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ كأنه قال: «وممّا أقصّ عليكم مثل الجنة» ، ثمّ أقبل يذكر ما فيها، بعد أن أوجب الرفع في الأوّل على الابتداء. وقد قرأها قوم نصبا «1» ، إذ كان الفعل يقع على ما هو من سبب الأوّل، وهو في الأمر والنهي. وكذلك ما وقع عليه حرف الاستفهام، نحو قوله جلّ جلاله أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ [القمر: 24] .

وإنّما فعل هذا في حروف الاستفهام، لأنّه إذا كان بعده اسم وفعل، كان أحسن أن يبتدأ بالفعل قبل الاسم، فإن بدأت بالاسم، أضمرت له فعلا، حتى تحسّن الكلام به، وإظهار ذلك الفعل قبيح.

وما كان من هذا، في غير الأمر والنهي والاستفهام والنفي، فوجه الكلام فيه الرفع، وقد نصبه ناس من العرب كثير. وهذا الحرف قد قرئ نصبا ورفعا وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ [فصلت: 17] » .

وأمّا قوله تعالى إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49) [القمر]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015