والإحسان إلى ذوي القربى، ووعد الثواب على أداء الزكاة، والإخبار عن ظهور الفساد في البرّ والبحر، وعن آثار القيامة، وذكر عجائب الصنع في السّحاب والأمطار، وظهور آثار الرّحمة في إنبات النبات وظهور الربيع، وذكر إصرار الكفّار على الكفر، وتخليق الله الخلق مع الضّعف والعجز، وإحياء الخلق بعد الموت، والحشر والنشر، وتسلية الرسول (ص) .
لم يقف القرآن في سورة الرّوم عند حادث هزيمة الرّوم أمام الفرس، ثمّ الوعد بغلبة الرّوم للفرس. ولكنّه انطلق من ذكر هذه الحادثة ليربط بين سنّة الله تعالى في نصر العقيدة السماوية والحق الكبير الذي قامت عليه السماوات والأرض وما بينهما، وليصل بين ماضي البشريّة وحاضرها ومستقبلها.
ثمّ يستطرد السياق القرآني إلى الحياة الاخرة ومشاهدها، ثمّ يطوف بالمسلمين في مشاهد الكون ومشاهد النفس وأحوال البشر وعجائب الفطر، ومن ثمّ يرتفع تصوّرهم لحقيقة الارتباطات وحقيقة العلاقات في هذا الكون الكبير، ويشعرون بدقّة السّنن التي تحكم هذا الكون وتصرّف أحداث الحياة وتحدّد مواضع النصر ومواضع الهزيمة.
وفي ظل ذلك التصوّر الواسع الشامل، تتكشّف عالميّة هذه الدعوة، وارتباطها بأوضاع العالم كلّه من حولها.
ويدرك المسلم موقفه وموقف أمّته في ذلك الخضم الهائل، ويعرف قيمته هو وقيمة عقيدته في حساب الناس وحساب الله، فيؤدّي حينئذ دوره على بصيرة، وينهض بتكاليفه في ثقة وطمأنينة واهتمام.