أرض الأردن وفلسطين وهي أقرب البلاد إلى جزيرة العرب. ثمّ وعد الله جلّ جلاله أن ينتصر الروم على الفرس في جولة أخرى خلال بضع سنين.
والبضع هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر. وقد التقى الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأوّل، وغلبت الروم فارس.
وعن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم بدر غلب المسلمون كفّار مكّة وأتى المسلمين الخبر بعد ذلك- والنبيّ والمؤمنون بالحديبية- بأن الروم قد غلبوا أهل فارس ففرح المسلمون بذلك، لانتصار أهل الكتاب على عباد الأوثان، فذلك قوله تعالى: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) .
يمضي سياق سورة الروم، في فصلين مترابطين:
الفصل الأول: يربط بين نصر المؤمنين والحق الذي تقوم عليه السماوات والأرض وما بينهما، ويرتبط به أمر الدنيا والاخرة. ويوجّه إلى سنّة الله فيمن مضى قبلهم من القرون، ويقيس عليها قضيّة البعث والإعادة. ثمّ يعرض عليهم مشهدا من مشاهد الكون، وآيات الله المبثوثة في ثناياه، ودلالة تلك المشاهد وإيحائها للقلوب، ويضرب لهم من أنفسهم وممّا ملكت أيمانهم أمثالا تكشف عن سخافة فكرة الشرك، وقيامها على الأهواء التي لا تستند إلى حق أو علم. وينتهي هذا الموضوع بتوجيه الرسول (ص) إلى اتّباع طريق الحق الواحد الثابت الواضح، طريق الفطرة التي فطر النّاس عليها، والتي لا تتبدّل ولا تدور مع الهوى، ولا يتفرّق متّبعوها شيعا وأحزابا، كما تفرّق الذين اتّبعوا الهوى. ويمتدّ هذا الفصل من أول السورة إلى الآية 32.
الفصل الثاني: يكشف الفصل الثاني من سورة الروم عمّا في طبيعة النّاس من تقلّب لا يصلح أن تقام عليه الحياة، ما لم يرتبطوا بمعيار ثابت لا يدور مع الأهواء. ويصوّر حالهم في الرحمة والضّرّ، وعند بسط الرّزق وقبضه، ويستطرد السياق في هذه المناسبة إلى وسائل إنفاق هذا الرّزق وتنميته، ويعود إلى قضية الشّرك والشّركاء فيعرضها من هذه الزاوية فإذا