وقد سجّل عليهم به أنّهم يتّخذون من دونه أوثانا يقلّد فيها بعضهم بعضا، ويوم القيامة يتبرّأ بعضهم من بعض ويكون مأواهم النار فلا ينجّونهم منها ثم ذكر إيمان لوط (ع) بدعوة ابراهيم (ع) ، وهجرته معه من بلاد قومه وأنه سبحانه وهب لإبراهيم (ع) إسحاق ويعقوب (ع) ، وجعل في ذريّته النبوة والكتاب ثم ذكر لوطا (ع) ، وتوبيخه قومه على ما يأتونه من الفاحشة التي لم يسبقهم أحد إليها، إلى غير هذا ممّا سبق في قصّته ثم ذكر شعيبا (ع) وما جرى له مع أهل مدين وذكر عادا وثمود وقارون وفرعون وهامان وما فعله بهم، وأنه لم يظلمهم بذلك، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم ثم ضرب مثلا لظلمهم لأنفسهم بشركهم فذكر أنهم في اتّخاذهم آلهة من دونه، لا تنفعهم في دنياهم وأخراهم، كالعنكبوت التي تتّخذ لها بيتا هو أوهن البيوت فما يدعونه من دونه ليس بشيء أصلا ثم ذكر أنّه يضرب لهم هذا المثل وغيره من الأمثال، وما يعقلها إلا العالمون خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) .
ثم قال تعالى: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (45) . فأمر النبي (ص) أن يتلو ما أوحي إليه من أخبار من فتنوا قبله في دينهم، ليكون له سلوة وأسوة بهم وأن يثابر على إقامة الصلاة ومداومة ذكره، لأنّ الصلاة تصلح من نفوسهم، وتعطيهم قوّة على احتمال ما يفتنون به ثمّ ذكر لهم آداب المجادلة على من يحاول أن يفتنهم بها في دينهم، فأمرهم سبحانه أن يجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن، وأن يذكروا لهم أنّهم يؤمنون بالكتب المنزّلة كلّها، ويؤمنون بالإله الذي يؤمنون به ثمّ ذكر أنّ من أهل الكتاب من يؤمن بالقرآن، كما يؤمن بتلك الكتاب، ومن المشركين من يؤمن به أيضا، وما يجحد به إلّا المعاندون منهم، وذكر ما يثبت تنزيله من أمّيّة النبي (ص) ثم أورد، من شبهاتهم عليه، اقتراحهم أن تنزل عليه آيات أخرى، مثل الآيات التي أنزلت على الأنبياء السابقين وردّ عليهم، بأنه