هزّا. وتوقفه أمام تكاليف الإيمان وقفة حازمة فإمّا النهوض بها، وإمّا النكوص عنها، وإلّا فهو النفاق الذي يفضحه الله.
استغرقت الآيات [14- 45] الحديث عن قصص الأنبياء والتعليق عليه، وبيان العظة والعبرة منه.
وبدأت بالحديث عن نوح (ع) ، فقد مكث في قومه ألف سنة، إلّا خمسين عاما، هي مدة الرسالة وجزء من حياته كان قبل الرسالة، وجزء منها كان بعد الطوفان وهو عمر مديد، ولكن نتيجته محدودة، فلم يؤمن به إلّا قليل من قومه.
ثم ثنّى بالحديث عن إبراهيم الخليل (ع) ، صاحب الرسالة الكبرى، إذ دعا قومه إلى عبادة الله الخالق الرزاق، ونبذ الأوثان والأصنام والتوجّه إلى الله، الإله الواحد:
فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ [الآية 24] .
وفي قصة لوط (ع) ، يتبدّى تبجّح الرذيلة وسفورها، بلا حياء ولا تحرّج، وانحدار البشرية إلى الدرك الأسفل، من الانحراف والشذوذ، مع الاستهتار بالنذير فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الآية 29] .
وفي قصّة شعيب (ع) مع مدين، يتبدّى الفساد، والتمرّد على الحق والعدل، فاستحقّوا عذاب الله:
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (37) .
وتذكر الإشارة، إلى عاد وثمود، بالاعتزاز بالقوّة، والبطر بالنعمة كما تذكر الإشارة إلى قارون وفرعون وهامان، بطغيان المال، واستبداد الحكم، والتمرّد على أمر الله.
وفي النهاية يلقى الظالم حتفه جزاء ظلمه وقد تكرر هذا المعنى في سور سابقة، وتأكّد هنا، ليستقر في الأذهان، أمام المشركين والظالمين.
قال تعالى:
فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) .
وتعقّب السورة على هذا القصص،