قوله سبحانه: فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) وهذه استعارة. والمراد بها: العبارة عن التقارب والتداني. وإنما قلنا إن اللفظ مستعار، لأنه قد يحسن أن يوصف به الجمعان، وإن لم ير بعضهم بعضا بالموانع، من مثار العجاج، ورهج الطراد. لأن المراد به تقارب الأشخاص، لا تلاحظ الأحداق، وذلك كقولهم في الحيّين المتقاربين:
تتراءى ناراهما. أي تتقابل وتتقارب، لكون النارين بحيث لو كان بدلا منهما إنسانان لرأى كل واحد منهما صاحبه.
وقد أومأنا إلى ذلك فيما مضى «2» .
ويقال أيضا: «قوم رئاء» ، على وزن فعال أي يقابل بعضهم بعضا. وكذلك «بيوتهم رئاء» إذا كانت متقابلة. ذكر ذلك أحمد بن يحيى ثعلب «3» .
ومن هذا الباب الحديث المشهور عن النبي (ص) ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «أنا بريء من كل مسلم مع مشرك» . قيل: ولم يا رسول