لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) وهذه استعارة.

لأن المراد باللسان هاهنا جملة القرآن وطريقته، لا العضو المخصوص الذي يقع الكلام به. وذلك كما يقول العرب في القصيدة: هذه لسان فلان. أي قوله. قال شاعرهم:

لسان السّوء تهديها إلينا وحنت وما حسبتك أن تحينا «1» أي مقالة السوء. ومثل ذلك قول الاخر «2» :

ندمت على لسان كان منّي وددت بأنّه في جوف عكم أي على قول سبق مني، لأن الندم إنما يكون على الفعال والكلام، لا على الأعضاء والأعيان.

وإنما سمّي القول لسانا، لأنه إنما يكون باللسان، ويصدر عن اللسان. وقوله سبحانه: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (112) وهذه استعارة. لأن حقيقة الذوق إنما تكون في المطاعم والمشارب، لا في الكسى والملابس. وإنما خرج هذا الكلام مخرج الخبر عن العقاب النازل بهم، والبلاء الشامل لهم. وقد عرف في لسانهم، أن يقولوا لمن عوقب على جريمة، أو أخذ بجريرة: ذق غبّ فعلك، واجن ثمرة جهلك. وإن كانت عقوبته ليست مما يحسّ بالطعم، ويدرك بالذوق. فكأنّه سبحانه لمّا شملهم بالجوع والخوف على وجه العقوبة، حسن أن يقول تعالى:

فأذاقهم ذلك، أي أوجدهم مرارته، كما يجد الذائق مرارة الشيء المرير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015