قال الله تعالى أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) فافتتحها بآيتين أجمل فيهما أغراضها، فأنذرهم فيهما بأنه أتى أمره بعذابهم، ونزّه ذاته عن شركائهم وذكر أنه ينزّل الملائكة بالوحي على من يشاء من عباده، لينذروا الناس بتوحيده ويأمروهم بتقواه.
ثم شرع في إبطال الشرك وإثبات التوحيد، فذكر سبحانه، أنه خلق السماوات والأرض بالحق، وأنه خلق الإنسان من نطفة. وأنه خلق الأنعام فيها دفء ومنافع لنا، وأنه خلق الخيل والبغال والحمير لنركبها ونتّخذها زينة وأنه يخلق غير هذا، مما لا يدخل في علمنا وأنّه يبين بهذا قصد السبيل إليه، ومنها جائر ينحرف عنه ولو شاء سبحانه لهداهم أجمعين. ثم ذكر أنه سبحانه هو الذي أنزل من السماء ماء، منه شراب ومنه شجر، وأنه جلّ شأنه، ينبت الزرع والزيتون والنخيل والأعناب، ومن كل الثمرات وأنه تعالى، سخّر الليل والنهار والشمس والقمر، والنجوم مسخرات بأمره، وأنه سخّر البحر لنأكل منه لحما طريا، ونستخرج منه حلية نلبسها، وأنه ألقى في الأرض رواسي: جبالا، وأنهارا وسبلا لنهتدي بها وأنه جعل علامات في هذه السبل، لنهتدي بها فيها، كما نهتدي بالنجم أيضا.
ثم ذكر، أنه لا يصح أن يكون من يخلق هذا كله، كمن لا يخلق، من أصنامهم التي يتخذونها شركاء له وأنهم إن يعدّوا نعمته ممّا سبق وغيره لا يحصوها وأنه سبحانه يعلم سرّهم وعلانيتهم، وأنّ الذين يدعونهم من دونه لا يخلقون شيئا وهم يخلقون، وهم أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون، ثم ذكر أنّه يجب بعد هذا كله أن يكون إلههم واحدا، وأنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين لا يؤمنون به، لأن قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23) .
ثم قال تعالى وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) فذكر أنهم إذا سئلوا عن القرآن، قالوا إنه