القول للسهو، وهو ما أشار إليه الفارسى فى الحلبيات. (?)
ومما يجب الالتفات إليه أن أصحاب الأقوال السابقة جميعها لا ينكرون مجىء لفظة (قرآن) مصدرا فى اللغة، ولكنهم عند ما يختلفون يتكلمون عن كلمة أخرى؛ لأنهم صرحوا بنسبة (القرآن) للاستعمال فى المصدرية، صرح بذلك الفراء والقرطبى، ويصعب أن يغيب مثل هذا الثابت فى اللغة عن أمثال الشافعى والفراء.
وأما ثانى أسمائه: فهو: «الفرقان» وقد سماه الله به فى قوله تعالى من سورة آل عمران: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ (?) وقوله جل قائلا: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (?). وفى تفسير هذا الاسم يقول الزركشى فى البرهان: «وأما تسميته «فرقانا»؛ فلأنه فرق بين الحق والباطل، والمسلم والكافر، والمؤمن والمنافق، وبه سمى عمر بن الخطاب الفاروق». (?)
وذهب لمثل هذا المعنى الآلوسي وإن زاد أنه قد يكون سمّى بذلك لفصل بعضه عن بعضه الآخر، أو لكونه نزل مفصلا وليس دفعة واحدة كغيره من الكتب، وزاد أيضا أنه مصدر بمعنى الفاعل أو المفعول. (?)
ومما سبق نقله تكون كلمة (الفرقان) تطلق ويراد منها الفاعل أى الفارق؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل، وتطلق ويراد منها المفعول أى المفروق بين سوره أو بين نجومه فى نزوله، أو المفروق فيه بين الحق والباطل.
وقد رد العلامة الآلوسي جميع أسماء القرآن وأوصافه لهذين الاسمين (القرآن والفرقان)؛ ولذا اقتصر عليهما. (?)
وأما ثالث هذه الأسماء الخمسة: فهو «الكتاب». قال الآلوسي رحمه الله فى تفسيره من قوله تعالى سورة البقرة: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ (والكتاب كالكتب مصدر كتب ويطلق على المكتوب كاللباس بمعنى الملبوس (19)، والكتب كما قال الراغب: ضم أديم إلى أديم بالخياطة. وفى المتعارف: ضم الحروف بعضها إلى بعض. والأصل فى الكتابة النظم بالخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضه إلى بعض باللفظ، ولذا يستعار كل واحد للآخر، ولذا سمّى (كتاب الله) وإن لم يكن كتابا، والكتاب هنا إما باق على المصدرية وسمى به المفعول للمبالغة أو هو بمعنى المفعول، وإطلاقه على المنظوم عبارة قبل أن تنتظم حروفه التى يتألف منها