بالتوقيف والنقل عن صحيح السنة ومقبولها، فإننا نعمد إلى ما روى من السنة الصحيحة فى هذا الصدد:

فيروى البخارى عن عبد الله بن مسعود- رضى الله عنه- أنه قال: «إذا تكلم الله بالوحى سمع أهل السماوات شيئا، فإذا فزّع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق، ونادوا ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق» (?). ولا مرية فى أن أهل السماوات هم الملائكة.

كما أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبى معاوية أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله- عز وجل- إذا تكلم بالوحى سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجرّ السلسلة على الصفاء، فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، فإذا جاء جبريل فزّع عن قلوبهم.

قال: ويقولون: يا جبريل ماذا قال ربكم؟

قال: فيقول: الحق. قال فينادون: الحقّ، الحقّ» (?).

هذا مع الأخذ فى الاعتبار أن الملائكة ذواتهم نورانية علوية، ويعتريهم من أثر الوحى هذا الصعق، كما يعترى السماء ذاتها تلك الصلصلة، ولا عجب فإنه تجلى الحق تعالى بصفة الكلام القديم وأنّى للمحدثات بالصمود لسطوتها!! إنهم من فزعهم يحسبون أن الساعة قد حان مرساها.

فقد أخرج ابن مردويه من حديث ابن مسعود مرفوعا: «إذا تكلم الله بالوحى سمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيفزعون، ويرون أنه من أمر الساعة» (?)!!

وسيأتى مزيد تبيان لتلقى الملك الوحى سماعا من الله تعالى فى تناولنا للوحى القرآنى خلال هذا البحث بإذن الله تعالى.

****** أنواع الوحى ومراتبه:

فنجد الأصل فى معرفة ذلك- قرآنيا- قوله تعالى شأنه: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (?). فقد استنبط أساطين المفسرين منها جملة أنواع للوحى الإلهى إلى من اصطفاهم الله تعالى من البشر:

النوع الأول: ما كان الوحى فيه إلقاء فى القلب مناما، وهو ما يعرف بوحى الرؤيا الصادقة، كرؤيا خليل الرحمن- عليه السلام- التى قصّها القرآن فى قوله تعالى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (?).

وكرؤيا النبى صلّى الله عليه وسلم أنه يدخل المسجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015