العزيز: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (?).
ويزيد المولى من الإنعام بمننه الكثيرة بالتذكير ببعض ما ورد فى آيات سابقات وبالجديد منها ما يمثل عبرا للعباد مثل عبرة الأنعام فى إخراج لبنها من بين فرث ودم، ومثل معجزة النحل التى أوحى فيها إلى تلك الحشرة البديعة السخية بالعطاء أن تتخذ بيوتها فى الجبال والشجر الكثيف، وأن تسلك سبيل ربها فى جمع طعامها من كل الثمرات والأزهار، وإن سبيل خالقها فى ذلك لا يكون إلا الطعام الطاهر النظيف الذى ينتهى بإخراج شراب مختلف ألوانه من بطونها فيه شفاء للناس، إنه النعمة الكبرى المتمثلة فى العسل المختلف الألوان والنكهة والتى تسهم فى شفاء الأجسام وإبراء السقام. يقول جل شأنه: وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (?).
إن الله- سبحانه- لطيف بعباده يغمرهم بفضله وينعم عليهم بمننه، ولا يحب لهم إلا الطيب من الطعام، وينأى بهم عن الأطعمة المحرمة لأنها من دس الشيطان ووسوسته، إن الشيطان لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء، وإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
يقول جلت قدرته وتباركت أسماؤه ودامت نعمه ومننه: يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (?).
ومن المنن الكبرى التى أنعم الله بها على الإنسان تلك الأنعام التى نتخذ من جلودها بيوتا، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا، يقول الله- عز وجل: وَاللَّهُ جَعَلَ