طبيعته ووظيفته، وللنهار طبيعته ووظيفته، وقد بينا ذلك تفصيلا فى تفسير آية تسخير الشمس والقمر، والله سبحانه هو الذى سخرهما لصالح الحياة على الأرض، فالشمس لها مدار لا تتجاوزه، والقمر له مدار ومنازل لا يحيد عنها ولا يطغى أحدهما على الآخر، ولا يكون الجمع بينهما إلا يوم القيامة تبعا لقوله- عز وجل- فى سورة القيامة:
فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لا وَزَرَ (11) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) (الآيات: 7 - 12).
قبل أن ننهى الحديث عن الكون والسماوات وسنن الله فيهن، ننبه إلى ما يقوله علماء الفلك والباحثون فى شئون الكون المعاصرين وأحاديثهم عن المجرات التى لا يعرفون مداها، وأن كل مجرة من هذه المجرات الملايين لا يستطاع تحديد سعتها، حتى إنهم قالوا: إن المجرة التى توجد فيها شمسنا وما يسير فى مدارها من كواكب تضم ملايين الشموس التى تعد شمسنا وما يتبعها من كواكب هى أصغر الشموس حجما ومن أقلها شأنا، وأن هذا الكون الذى يضم ملايين المجرات دائم الاتساع بغير حدود، والجدير بالذكر أن هؤلاء العلماء ليسوا من المسلمين بل إن أكثرهم من الماديين، وما عرفوا أن القرآن الكريم قد سجل الله فيه ما توصلوا إليه بعد طول البحث
والتفانى فى بذل الجهد لمعرفة شىء يعلل ما قد توصلوا إليه من أن الكون يزيد اتساعا.
يقول الله- جل وعز- فى سورة الذاريات: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ وموضع الدهشة يكمن فى الآية الأولى، فقد فهمها المفسرون القدامى على النحو الذى توصل إليه دارسو الكون من العلماء المعاصرين، ولو أنهم أو بعضهم قرأ القرآن لسارع إلى الإيمان واعتناقه، مثلما فعل عدد غير قليل من غير المسلمين الذين قرءوا القرآن ووقعت أعينهم على الكثير من السنن الإلهية التى يحفل بها الكتاب العزيز، وقد عرفنا كثيرا من هؤلاء العلماء والمستنيرين الذين أسلموا طوعا واقتناعا بعد قراءتهم القرآن الكريم مترجما إلى لغاتهم.
يقول المفسرون فى قوله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ أى شيدنا السماء وأحكمنا خلقها بقوة وقدرة. وقال ابن عباس: بأيد:
يعنى بقوة. ويقولون فى وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ أى لموسعون فى خلق الملائكة (¬18) وتلك