ذلك بالعديد المتباين من سنن الله خلقا وإبداعا.
يقول الله جل شأنه: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (33) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (?).
بعد استهلال الآية بذكر الله للسماوات والأرض، نجد فيضا من نعم الله التى أنعم بها على خلقه من نزول الغيث وإخراج الثمرات وتسخير الفلك للإنسان تجرى به فى البحار، بل وسخر لهم الشمس والقمر دائبين، وسخر الليل والنهار فلكل منهما شأن ثم أجابهم الله إلى كل ما سألوه من نعمه التى يعجزون عن إحصائها.
وعلى النسق نفسه من ذكر سنن الله فى خلقه، وإسباغ نعمه عليهم يقول الله عز وجل: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) (?).
إن هذه الآية من سورة البقرة، تحمل من الألفاظ والمسميات كثيرا مما تحمله الآيات السابقة من سورة إبراهيم، ومن ثم يذهب الظن بل اليقين عند بعض من لا يعرفون العربية وبخاصة من المستشرقين، أن فى القرآن الكريم ما يطلقون عليه ظاهرة التكرار، وقد وقع فى الخطأ نفسه بعض أبناء المسلمين ممن درسوا على تلك الطائفة من المستشرقين، وغاب عنهم أن اللفظ الذى تكرر فى آيات سورة إبراهيم وآية البقرة، يؤدى وظيفة تختلف من حيث الهدف والمنهج عن تلك الوظيفة التى أدتها هناك، فالماء فى الآيات الأولى نزل على أرض خصبة فأخرج من الثمرات رزقا، والماء فى الآية الأخرى نزل على أرض ميتة فأحياها لتكون صالحة للغرس والإثمار، والفلك فى الآية الأولى مسخرة بأمر الله لنفع الناس، والفلك فى الآية الثانية تجرى أيضا بما ينفع الناس.
ولكن الهدف من ذكرها هنا كونها آية لبرهان على قدرة الله عند القوم الذين يعقلون، وكذلك الشأن فيما يتعلق بذكر الليل والنهار، فإن ذكرهما فى الآيات من سورة إبراهيم نعمة سخرها الله للناس على النحو الذى بيناه هناك، وأما ذكرهما فى آية البقرة فإنما