من خلاله كما ينزل مع الغيث جبالا من البرد مقرونة بسنا برقه الذى يكاد يذهب بالأبصار، وذلك فى قوله جل وعزّ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (?).
تلك أمثلة قليلة عن توصيف المولى- جل وعلا- لأعمال الكفار، وهو- جل جلاله- لا يقدم توصيفا لعمل من أعمال الكافرين إلا ويقدم قبله آية أو آيتين إيمانيتين ترشح قارئها للإيمان رحمة منه وعدلا، وتنبيها للقلوب المغلقة، وإيقاظا للنفوس النائمة فى ظلام الضلال.
فأما المثال الأخير المكون من عملين وتوصيفين متتابعين لأعمال الفئات الضالة فقد قدم- جل جلاله- قبلهما آيتين باهرتين، إحداهما: يوضح فيها نور ذات، ويذكر بيوته المأهولة بمرتاديها من عباده المؤمنين الصالحين. ثم يختم الآيتين- موضع التوصيف والمؤاخذة- بثلاث آيات باهرات هادية إلى اليقين داعية إلى الإيمان.
ولكن القوم ضلت قلوبهم وقست أفئدتهم، ويبست مشاعرهم وعميت بصائرهم فأصروا على الكفر وباءوا بخسران مبين.
أ. د/ مصطفى الشكعة