إن مادة «سنن» وردت فى القواميس والمعاجم متعددة المعانى وافرة المدلولات، متقاربة حينا ومتباعدة أحيانا أخرى كثيرة، وإن استعراضها على النحو المفصل الذى ورد فى المعاجم ليس من الفائدة فى شىء فى هذا المقام، أو بالأحرى فى هذه الدراسة التى ينحصر البحث فيها فى السنن الإلهية.
يقول الفيروزآبادى: السنة- بضم السين- السيرة والطبيعة، ومن الله حكمه وأمره ونهيه، ويجيء صاحب المعجم بشاهد من الآية 55 من سورة الكهف فى قوله تعالى:
وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ الكهف: 55 أى معاينة العذاب. وسنن الطريق- مثلثة وبضمتين- نهجه ووجهته (?).
ويقول الراغب الأصفهانى: السنن جمع سنة، وسنة الوجه طريقته، وسنة الله تعالى قد تقال لطريق حكمته نحو: اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (الآية 43 من سورة فاطر) وهو تنبيه أن فروع الشرائع وإن اختلفت صورها، فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل- وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول إلى ثواب الله تعالى وجواره. (?)
ويعرض معجم ألفاظ القرآن الكريم المادة على النحو الآتى:
سنة الأولين: طريقهم وسيرتهم ويردف قوله بالشاهد من القرآن الكريم فى قوله تعالى فى الآية 38 من سورة الأنفال: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ.
وسنة الله نظامه يجريه فى خلقه كما يريد:
ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (?) (الأحزاب: 38).
وسنة من قد أرسلنا: طريق الله فيمن أرسلهم سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا. (?)